الأربعاء، 30 مارس 2011

الي بولا

عزيزي بولا
    طالت الفاصلة، علي غير عادتها، وضد وظيفتها، كما طال الشوق كعادته، مسخنٌ بالعطش، مليئٌ بالاسئلة.
    وانت منها ومن شقيقتها الفاصلة(،)مدعمةبها ومسنودة بنقطة(.) وقد منحني المقعدون اسماء عدّة، بعد مسخي، فسموني «الفاصلة النقوطة» و«الشولة المنقوطة» و«القاطعة» وذلك تميِّزاً لي عن صديقتي «الشولة» او هو احتيال بلا مسوغ، وحرموني امتياز «الفارزة» الذي منحوه لـ« الفاصلة»
    انا يا سيدي، لست غاضبة من هذا الحرمان، ولا غايرة من امتياز صديقتي. فنحن من قبيلة واحدة، او بطن من قبيلة الابجدية، وهي بطن« الفاء، والقاف، والواو.» وبدوننا تلثغ اللغة ويعرج الكلام، وتظلع الكتابة.
    ومن الطرائف، انني لم اجد لي موقعاً في «كتاب الله» لا انا، ولا يطني، ولا كل قبيلة العلامات، عدا علامة الوقف المبتكرة -وهي ليست وقفاً كاملاً، ولا حتي منقوصاً- وهي ابتكار خارج منظومة العلامات، علي هيئة نجمة كبيرة، او نقطة، حسب مزاج الطابع.
    انا يا سيدي، فاء لحقها ما لحق بصديقتي ال«،» من مسخ وغلط. وهذا الغلط اخرجني من بطني، ومن قبيلتي، وادخلني كرمز بارد بين غابة الابجدية، بدعوي التقعيد، وبمهام تعسفية لم تحترم تاريخي الرقمي، ولا المساحة الفاعلة، والتي كنت اشغلها وسط قبيلة الابجدية، قبل المسخ.
    وهكذا، وبعسف ممنهج، جعلوني اقف بين محمد وبين صفته وملتصقاته. كما جعلوني، ودون مسوغ اخلاقي، اقف بين السبب والمسَبِبْ. كما احتالوني سبباً للتنفس للآلة الكابة. ولك ان تضحك من هذه المزحة غير المليحة. فقد ابتسروا الكاتب الي آلة الكتابة. وحتي يتنفس قلمك، عليك انان تضعني استراحةً، حتي  لا ينقطع نفس قلمك! ثم اوقفوني بغباء، ودون استشارتي بع كل ادوات الربط. وعلقوني كشاهد قبر بين الاصناف، والمتشابهات، حتي لو كانت الاصناف اعواد مشانق،وعناصر بؤس.
    اما الآن، وقد واتتني فرصة الاحتجاج، فعلي ان انتهزها، حتي اتمختر امامك بتاريخي النبيل، والذي اعتز به، ومنجزاتي التي انكرها المقعدون.
    كنت يا صديقي بطن من بطون الابجدية. وكنا بطناً فاعلةً. كنا نستطيع ان نشكل الـ«فوق» سماوات طباقاً، واحلاماً مجنحة، البسة للخيال-الخلة المسكوت عنها- ومكراً بكراهة الواقع. كنا نستطع ان نلون طيوراً بالغة الجسارة، وجيوشاً من الصحو، ضد الغفلة.كنا نغشي الكسالا فندفع فيهم النخوة، والتعابا، فنمنحهم بوصلة السمو والترقي، والدروب وسالكيها، فندفع فيهم همة الصعود.
    وكنا، حين نتحد، نشكل علامة فارقة، حين يتجاوز العسف حدوده، والفاسق فجوره، والدكتاتور قسوته وفسقه «قف» حتي يستعيد الحلم بهاءه، والروح سموها، والحياة دقيق معناها. نفعل هذا مجتمعين، او مثنيين. وهذه انا مع «القاف»، ومع «الواو» «قفوا». وحين تقف الجماعة،لابدَّ ان يقف الزمن، لتريب مسار حركته. ولابدَّ ان يقف التاريخ، لترتيب اوراقه،وتحديد موقفه من من كتبه ومن من سيكتبه،وتصنيف اولوياته.
    وحين «يقفوا» معاً ضد القعود، وضد الكسل، وضدّ التراخي،وضد العجز. نحن هنا امضي فعلاً من الـ«.» وافعل من كل علامات الوقف الضوئية. فهذه قد يقعدها عمي الالوان، وعمي البصر، وعمي البصيرة، وعمي الكلام. اما نحن، فلا لبس يلحق بفعلنا. نحن نأتي عبر العين، وعبر الاذن، وعبر اللمس، وعبر الكلام. فحين نشكل «قف» يقف مشي الكلام. يقف الفكر محتقناً بالتأمل والتفاكير. ان الاستجابة لفعلنا فورية، وفعلنا حاسم.
    اما حين اقف كالسيف وحدي. فانا فاء الفأل، حين يظلم الواقع، وتدلهم الدروب، وتشتبه القيم، ويضمر الحلم. وبي يضحي «الفأل» ترياقاً ضد الخنوع، وبادرة للاحتمال، وحرارة في جسد الشتاء المشكل للعسف في لحم الفعل.
    انا فاء الفعل، حين يصبح الفعل فرض عين، ومرجع البيان.
    وفاء الفهم، حين تلتبس القيم، وتشتبك المفاهيم.
    انا فاء الفضول. حين يصبح التواضع علي علي قيم الخير والتوادد واجبا يمليه الاجتماع الانساني. وفاء الفصل بين الحلم والواقع، وبين الفعل وإرادة الفعل، وبين الظلم والعدل، وبين الظلام والاستنارة.
    انا فاء الوفاء. إذا مرَّ الكلام، وعري لحم الصديق، وتكالب اكلته. وإذا اعجم من حوله، فانا اعرب، وإذالحن فانا افصح، وإذا عجز كنت ظهرا اسند عجزه وحلمه.
    وانا فاء الفلاح، إذا نودي لإعراب الحلم.
    انا فاتحة الكلام ، والسلام.

لك الوفاء كله.
النور
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق