الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

مخاطبة

مخاطبة

 ترى هذي المسافة ضمن روحي، أم أحاورها لكي تلد انفجاري، هذي المفازة كنت أعبرها، وحلمي طائر وجل، وأسمائي مبعثرة، وأرسم في مفكرتي تواريخ انحساري وازدهاري  .
  طير أساومه على وجعي، ويدعوني بأسماء مزيّفة إلى أفق تدثر بالغبار .   حسناً  اسمي الماء ماء والعار عار، .. متزملاً بالريح، أدخل من مرافئكم الى حلم بعرض الفاجعة .  كيما أصالح عشب أحلامي ، وارسم فوق أعلام التوافق طائراً ضخماً ، ألون كل قادمةٍ بلون البرق منفعلا، وأعطيه مفاتيح الكلام، عفواً . . مواعيد الأسى مدن وحين تهلّ أزماني أهوّم راسماً كفي، ومنتضياً جسارة أن أكف عن الكلام  .
من أول البرق   ابتدأت أو انتهيت وأعود ممتشقاً حسام جسارتي . .  مفرقاً بين الهوية والحجر  .
  ***
علمتني الخيول 
علمتني بأن الزمان النبيل  
تاه، عن خارطات الفصول
  ***
هذه إحدى علاماتي، سهل ممتلئ بالآف الحكايا، حين 
تحدقون تفاجئكم بالأسئلة ، الأسئلة المدورة حتى حدود الأفق .  والأفق يداخلكم عارياً من أسمائه وبطاقة هويته .
لقد تركتها عامداً لدى آفاق أخر 
سادتي ، مندغم فيكم ، ومارق عليكم،
 بحثاً عن بدء البدء أو نهاية النهايات  .
واقفاً خارج بوابات الرفض والقبول 
أريد أن أقول  . 
بوابة واحدة فقط أفتحها الليلة على مصراعيها ، وأغلق ما عداها 
للأسئلة العارية  وللخارجين للتو من بين أيدي القابلات 
ضد النوم ضد الغفـلة / ضد السهو بل ضد اللغو  اللغو  اللغو  .
هذه المدن المعبأة بالجاهزية والتواكل ، أعرف أنها ضد أحلامي, وضد كل الآفاق المشرعة  .
حسن ، للآخر الغائب أو المغيّب ، الآخر المشروع أو الآخر القصيدة، الآخر البرق ، أو الآخر العشب هناك مدن أخرى، « مدن بلا خرائط » .. افتحها الآن ضد كل الشروط / وبكل الشروط الفاعلة, مدن  تبدع أسئلتها وسمائها وبشرها . عبثها وجنونها، قريباً من الفعل والفاعل.. قريباً من الحياة 
هذه أولى الطيور . تعبر الآن قريباً من سماء الروح تعطي البــوح شــارته ، وتمنـحني مهابة أن أجابـهـكم / وأمتـهـن الحياة  .
  أبو ظبي 09

هنا ينتهي البحر



هنا ينتهي البحر
ومن هنا تبدأ الأرض
رجلي في السهل وصوتي مع الآخرين
والسهل أغان لشوق مقُّيم
وريح مسافر ونار من القمح والمطر
وصوتي / غابات من الأطفال /  وقبائل من العشب
والآخرون معاهدة صارمة تبدأ بالحب / وتنتهي عليه
.. والذي .. فيكم قبض الجمر
والذي حولكم نفى الإثبات على دائرة الفعل
والذي منا وعى بالفعل والحول
والدعوة ضد الشيء مهرها يبدأ بالدم /  وينتهي بالتخثر
ولكن الرياح الوعرة
تبدأ رحلتها عند كل المواسم
ولا تنتهي إلا والأعلام بين سواعد الأطفال
فلتباركي هذا الدخول يا طفلة المواسم
ولتباركوا هذا الدخول أيها المعمدون بالدم
السبابة المنتصبة دائماً أنتم
مباركون على مدار الفعل
أن تزرع الريح تجني الرياح
مهلاً أيتها النخلة الشفوقة
ها أنت تمارسين الحب مثل الموت /  واقفة
فلماذا تمارسين الاهتزاز عندما أضم حبيبي ؟
وحبيبي وسائد الأطفال وأغاني الحصاد
يتجاوز عمره كل يوم، وينمو عند فوهة المداخن وعلى مداخل البراكين ، مطهراً بالحب
ومجمراً على لظى المثابرة ، شاهقاً مثل اللذه / عنيداً  /  عنيداًمثل كل المحبين
مارس الموت مرة فقامت على  عينيه وبين الشفتين ، حقول من اللهب..
وسهوب من حروف الأبجدية
نهض فاستقامت الموارد، وتخلت عن جنسياتها الطيور
أيها الحبيب ، إن حبيبتي تقرؤك نفسها، وتسألك شيئاً من الغناء
لأن الدروب تشابكت ، وعلى الأفق احترقت كل الخرائط ، 
أيتها الحبيبة هأنذا أحرق أصابع كفي شارة لمجد الحب
ومجد الندم
فلتبارك عيناك النهوض القريب
وليبارك القعود مجد الزيف والمخاض الكاذب
« وقبض الريح »

الاثنين، 29 نوفمبر 2010

رسالة الي استاذي بولا

الصديق بولا
       كلت روحي، وانا انقر باب «الغنا اللنسدَّ» /تقرأ الكتابة . وكان انسداده نتيجة لاغبان شخصية، تراكمت عبر الزمن المهدر من حياتي، وفشلت في منع هذا التراكم او إزالته .
       من قال ان الكلام مائدة الله؟ فقد صدق .
       اكتشفت اثناء انسداد باب /الغنا / الكلام، ان الاقبال علي هذه المائدة بنصف شهية، يجعله  كالادبار. دعك ان كانت الشهية عمياء .
       ولكن لايأس مع الكتابة. وجدت باب العلامات « متاكيً » فدخلت منه. اعني علامات الترقيم، قبل انزياحاتها ومجازاتها. قلت لنفسي: هذا كم مهمل من المبصورات المرقومة، منذ ان اقعدها علماء التقعيد(اعني اقعدها)
       وعلي مدخل مأوي العلامات التقيت السيدة الفاضلة الفاصلة. قلت اسألها، لعلَّ عندها لي خبراً.
       ايتها السيدة كيفك ؟
       كما تري، لست بخير، مقعدة وشبيهة بـ«ديك البطانة»-سأحدثك لاحقاً عن سبب هذا التشبيه السوداني المحض- ولكنني مقعدة، كما تري، حتي لا اكاد الحظ، فأنت حين تناديني لا استطيع ان اجيبك.لان المهمة التي اوكلها لي علماء التقعيد هي: ان لا ابدي زينتي إلا لحظة النداء البشري، او حين تشتبك غابة الابجدية، فتوجد لحظتها مهمة جدُّ متواضعة،هي الوقف المشروط لفك اشتباك الكلام .هذا فقط حين يتعلق الامر بالرقم . اما ما عدا ذلك فانا زائدة عن الحاجة، او هكذا فعل بي علماء التقعيد، بعد ان عبثوا بتاريخ شجرة عائلتي، وتركيبتها الجينية.
       هل سمعت احداً يذكرني، او يعتبرني حين يتحدث، خاصةً بعد الانفجار الكوني الخاصة بتعدد وسائط الاتصال الكلامي. لا احد يعتبرني في التلفزيون، او في التلفون، او في الراديو، او في السينما، ابداً،
       هناك البعض من قبائل العلامات قد تلحظها من طريقة المتكلم، او من نبرة صوته، اما انا فلا احد يلحظني، او يهتم ان يلحظني.
       لقد طلبت مني التحدث عن نفسي. انا يا صديقي إشارة ضوئية جانبية في شوارع الكلام، لا استطيع ان امنعك السير داخل غابة الكلام، او حتي اسمح لك بالمرور، هكذا غاية السلب! انا فقط لحظة ان تلحظني ثم تمضي، ودون حتي ان يشكرني احدعلي هذاالدور الغامض والمبهم الذي اوكل اليَّ.
       ماذا يحدث لو لم اكن موجودة ؟ هل سيضطرب عالم اللغة ؟ او تهتز دنيا الكلام ؟ لا اظنُّ ذلك سيحدث . هناك الآلاف من الكلمنجية والكتبنجية، لا يأبهون بي، ولا يلقون عليَّ مجرد التحية، ومع ذلك يمشي كلامهم في دنيا الكلام مُسَبَّحَاً بحمده، من دون ان تنزعج قبيلة الكلام ، ولا المتعاملون معها.
       اعذرني علي التشجن، فانا مغبونة، وظللت انتظر من يسألني هذا السؤآل قروناً عدة، وكنت دائمة السؤآل عن قيمتي وجدواي. ثم نظرتني في المرآة، وتساءلت عن جذور عائلتي الجينية.
       لقد اكتشفت خرابا لحق بجينات عائلتي ادي الي مسخها الي هذا الشكل المقعد الذي تراه، والمسؤليات الضامرة التي اتولاها في دنيا الكلام.
       وهنا مناسبة للعودة لمثل «ديك البطانة» الذي ذكرته لك سابقاً. فقد اكتشفت من خلال تتبعي لجذوري التكوينية، انني كنت واواً، وحين احتاج علماء التقعيد الي التشريح الذي ارتكبوه لصالح ما يزعمون انه ذا فائدة رقمية عالية، ارتكبوا هذه الجريمة. فبدل ان يطوروني قزموني، وقلبوني كما فعل البطانيون بديكهم، وحكايته معروفة. هذا ما حصل معي . قزموني، وقلبوني، وقلصوا مهامي، حتي تتواءم مع الهيئة الجريمة التي حولوني اليها، بعد ان كانت مهامي الكتابية ،قبل الجريمة، واسعة ومتعددة، عندما كنت واواً.
       هل اقتنعت بهذه الجريمة التي ارتكبت في حقي؟
       حسنآً، كبرني قليلاً ، ثم اقلبني من الاعلي الي الاسفل ، ثم اقلبني من اليسار الي اليمين، لتتأكد ان اصلي واواً. ومهامي عديدة،       
       عندما كنت واواً، كنت عاملاً عضوياً ضمن قبيلة الكلام، كنت قادراً ان اجر الشمس والكواكب، وقبائل الله الخاملة، الي جذوة النار، ليصطلوا، او ليحترقوا. كنت قادراً علي جرِّ وادي النيل من الشمال الي الجنوب، وجرِّ الحرائق حيث تكون فاعلة في الخمول، كنت قادراً ايها الصديق، علي جرِّ الكلام من مهاد النوم الي فضاء الحركة والضجيج ، وقادر علي مسامرة الاطفال حتي لا يناموا !
       انا يا صديق، اتعلق بالزائد من الفوضي، والغامض من موائدها المشبوهة. كنت قادراً علي اصطحاب الليل في رحلاته الماكرة. وقد اصطحب الحقَّ والمستلب . وقد انصب المشانق حين استوي في حقل المجاز.
       هل تصدق انني قد اصطحب الماء، والغابة، والنهر، والاحلام الحامحة . وقبائل المارقين الي حيث يستوي الخلق علي جادة الحق؟
       كما كنت استطيع ان اعطف «يقوم» علي « الجبل » ليصبح القيام فريضة عين علي كل هرم الكائنات، بدءآً من الجماد الصلد الي الحي المتحرك.
       كنت استطيع ان اعطف كل الذي قيل علي كل الذي لم يقل كجملتين  قادرتين علي فك عقدة الكلام، وإطلاقه في دنيا الناس فاعلاً،كما فعل بي ذلك علماء التقعيد حين منحوني لقب واو فاعلة، ثم عادوا واقعدوني مَقعد مُقعدْ، علي هيئة اطلقوا عليها فاصلة، كما رأيت.
       استاذي بولا
مازال في النفس شئ من هذه العلامة،«الفاصلة  وتحولاتها» مروراً بكل العلامات، وصولاً للعلامة الفارقة في تاريخ الثقافة السودانية المعاصرة، والمرشحة لان تبقي طويلاً، وتثير جدلاً حاراً، انه انت انت ايها العزيز بولا، احدي علامات الحياة وسط موات الثقافة السودانية.
سأعود لملاحقة بقية العلامات، اتصور ان لكل منهاما تود ان تقوله.
هاانذآ انقروبقوة باب «الغنا اللنسد»
       تقبل مودتي
النور احمد علي

السبت، 13 نوفمبر 2010

نشيد المفازة « خــطــــاب احـــمــــد لعــــزّة »

          
(1)


حبيبتي  عزة
 

الطفلة  التي  انفلتت  من  مسار  الزمن،
تصنع  تاريخها،
وتدخل  عنوة  في  صياغة  زمن  الأطفال،
الطفلة  أنت،
البدء  والتوقع،
ها  أنت  تفاجئيني  تماماً  ومسار  الفصول
قفي  لحظة  قبل  الدخول
فثمة  برهـة  للغناء
ونحن  موسومون  بالفرح  عند  كل  المواسم


(2)
عزّتي
عبئي  عينيك  شموساً
ونهديك  دفئاً
وانسربي  شموساً  استوائية  بين  مشارب  روحي
فليست  هناك  فسحة  للمداولة
والغناء  يستعمر  حلقي
وينام  ملياً
فوق  عيون  الجروح  النيئة
وعند  مداخل  الضوء  والصباحات
وأنت  يا  سيدتي،
(3)
تجمحين  فارساً  وفرساً  / 
مجللة  بالشعر  /
ومكللة  بأريج  الطيور  الجسورة  /
وشوق  المد  والزوارق.
فالذين  أوفوا  يا  حبيبتي /
استحالوا  مدارات  وأشرعة
ونحن؟
ماذا  تفعل  الرياح  الشمالية  حين  يشك  خاصرتها
برق
اختزل  كل  بداوة  الشرق  /
وتاريخ  الوخز  والدماء.
فالدخول  /
الدخول  /
(4)
مشرعون  نحن  يا  حبيبتي  /
للنزال  والمطاعنة.
حتى  يسترد  الأطفال  طعم  الأبوة
والأرامل  دفء   أحضان  بعولتهن  /
وحتى  تسترد  السماء  تلك  الزرقة  اللعينة
(5)
لك  الحول  يا  عِزّة  الرجال  /
أدخليني  ولا  تبرحين.
فثمة  رعشة  /
وصيف  يلتهم  الخرائط  من  أفواه  الصغار  /
وأفق  مدلهم  ينام  فوق  أعتاب  الأحلام
وينوء  /
حتى  تبدع  الأرض  حملها  /
للعشب  والبداءات  /
ونحن  /
يا  حبيبتي  /
معتصمون  بالطفولة  /
وبالجراحات  التي  تبدعنا  /

(6)
عَزّتي
على  النهر  كانوا  يصطفون  /
ألوية  تزحم  عين  الشمس  /
كان  النيل  مهمومًا  /
والحافلات  تشغل  صدر  الزمن  /
وكانت  الأسماك  المرجانية  المهووسة  /
تتناسل  عند  خاصرته /
تصنع  دخاناً
وأغذية  لفوهات  البنادق  /


(7)
أما  العيون  النحاسية  المدربة  /
فكانت  تزيل  طبيعتها  عن  أقدام  الأعشاب  الطفلة  /
وانبثقت  الأزهار  الأرجوانية  اللهيفة
تنبت  تباعاً  على  شفتي  النهر
وثمة  يوم  بارع  يدافع  نحو  بوابات  الدم  والرماد /
وإن  ثمة  أجسام  نورانية  عند  بوابات  الحرائق
وإن  ثمة  أيام  قليلة  قادمة
لقوادم  خيل  الفتح  /
مهيبة  وسانحة  /

(8)
سيدتي /
كانت  المكبرات  العاهرة  تعلن :
( زعموا  أن  جثة  ابتلعها  النيل )
كان  النيل  يتدبر  شئونه  الخاصة  /
يملأ  جرة
ويسقي  نخلة  /
ثم  استحال  النيل  /  
شاهداً  للدفاع  /
وشرطياً  ينظم  حركة  السايلة  /
جف  الحديث  برهة  /
                                   ثم  /
                                         اعتلى  /
                                                 كل  /
                                             طفل  /
                                            زهرة  /
                                         واندغما /
فكنت  أنت  يا  حبيبتي
وجوداً  سرمدياً
يبدأ  بالزهر،  وينتهي  بالنهر  /
جفّ  المكان  برهة  /
فتزاحمت  أصواتهم  بالمناكب
نريد  حبيبنا  وإلا  سنبدأ  الغناء  /
ارتج  الحول  والحال  /
تلك  مقدمة  للرهق.

(9)
لحظة
واندفعي  أيتها  المغروسة  فيّ  /
رمحاً  من  حكايا  /
حين  أهزّك  /
ترمحين  /
ويطلع  النهار  /
وحين  تهزيني
أتكاثر  تاريخاً  من  الغبن  والنزيف

(10)
اندفعي  عزة  /
فثمة  ارتواء  ينبت  على  حافة  النهر  /
واشتهاء  يسد  عيون  الحواس.
وأنت  يا  حبيبتي  /
الفرجة  التي  تنسل  منها  السهام  الشائكة
تبدع  نسل  الشمس  /
وتمهر  باسمها  تاريخ  الآفاق  الباسلة  /
والآن.
نبدأ  يا  عزتي،  والشاهد  زهر  ونهر  /
وها  هم  الأطفال  معبأون  بالغضب  والانتظار .

(11)
كنا  نغني  يا  حبيبتي /
عاور  الريح  سهامه  /
فاستحال  السهم  نهرً ا ً /
واستحال  النهر  جسراً  /
واستحلتم  آخر  لأمر  قيامة
واستحالت  عزّة  الجرح  /
جراحاً/
عزها  الفجر  غمامة  /
أيها  الريح  المدارى  تقدم  /
نحن  أبدعنا  من  الجرح  على  الصدر  حمامة
تغزل  الفجر  الذي  /
يصبح  تاريخاً
وعِزّة
يصبح  تاريخ  مَعزّة  /

(12)
سيدتي
أنا  صياد  /
ولكن  الرياح  الغربية  دفعتني  بعيداً  /
بعيداً
وكنت  موسراً  /
وذا  عزم  من  والضوء  الصلابة    /
كنت  أصنع  البحار  /
والشباك  التي  تصطاد  الدخان  /
والحقول  من  شوارب  الندم  /
وأصوات  السهول  الخائفة
وبقايا  الحوافر  التي  استهلكتها  الأحصنة.  /
أشرعت  قواربي  /
ولم  يبق  إلا  الطوفان.  /
كانت  العناكب  المعتوهة
وصغار  الطحالب  البيئية
تقيم  أعراسها  الرخيصة
تحت  أردية  الصخور
وعند  عرى  السهوب  الرمادية
والشاحبة
وكان  عليّ
كأيّ  صياد  دَرِب  /
أن  أغرس  لساني  تحت  جلد  الأسماك  العشبية  /
وأشد  عيوني  عند  خارطة  طينية  عجوز  /
كانت  ترصد  وبصدق  /
المغامرات  الوطيئة  /
بين  العري  وعهر  الأمكنة.
كنت  أصطاد  من  عيونهم  النعاس  /
وشكل  التواكل  /
كانت  شباكي  طيعة
وفوق  صدري  تعشوشب  رائحة  الصهيل  /
والأماسي  التي  بللها  صليل  الصمت  /
وهشاشة  الرمال  الوضيعة

(13)
     
وفوق  ازرقاق  عيوني
وعند  مهاوي  السيف  في  حاصرتي
حملتني  وزرها
وأدخلتني  في  حجرها
واستراحت
ومن  يومها
وأنا  وطن  ومرفأ
لهجرة  الرياح
ورحلاتها  المعبأة  دوماً  على  ألسنة  البروق
وعند  مراصد  النيازك
حبيبتي

(14)
أنا  صياد
كنت  أقرأ  من  على  صفحة  الأفق
الهجرات  المزمعة  /
وحجم  الأنواء  التي  دوخت  السفن  /
وأوجعت  الصواري  /
وتكاثرت  كالصبر  على  الأشرعة  المتعبة.
ونامت  ملياً
داخل  حدقات  الطيور  الميتة  والمهابة.
عزَّتي
كنت  الشاهد  الوحيد  والمليون  /
وعاشق  الموج  الوله  /
تحصنت  داخل  رأسي  /
وكأطفال  المدارس  /
رفعت  سبابتي  /
في  غير  ما  احتشام
أو  مداراة  كاذبة  بين  تلافيف  صوتي
قلت:
يا  حبيبتي
أنا  صياد  ماهر  /
ولكن  الرياح  الغريبة  /
كانت  تضاجع  البروق عند  قارعة  السماء
وتنام  وعلى  فمها  جسد  المذابل
الهرمة  والمتآكلة
وفي  عيونها  سفاح  البروق  الخلّب
كانت  تدفع  الأعشاب  الصدئة  والنيئة  نحو  قرارات  موجه  الرهيب  /
ثمناً  لعهرها  السميك
وكانت  تغسل  عريها  الزنيم
عند  موارد  طهر  الرجال
وصبرهم.
أشهد  حبيبتي
أنها  كانت  تتجول  عارية  الفخذين
تبيع  غثاء  القول  /
ولحاء  الكلمات  القديمة.  /
كانت  تحتطب  المحار  /
وأصوات  القواقع  الزائفة  /
وتبيعها  رباً  باسم  البحار  /
والمشارع  الوضيئة.
تلك  كانت  شهادتي
وأنا  يا  سيدتي  صياد  درب  الشباك
حسم  خزي  الرياح  الغريبة

(15)
عند  حلول  الكارثة
كنا  يا  سيدتي  حشد  من  الرجال  وفارس.
استهل  الرجال  الفاجعة  سناناً  وقناً  /
كانت  عيون  القنا  إثم  /
وكانت  السنان  كفارة  الوجع  /
وثمن  المخاض.
انغرست  السنان  على  المخاض
فكانت  المهابة  التي  /
دوخت  أعنة  الرياح.
وبين  الصمت  واه
كان  غناؤنا
أن  احترقت  الجنادب  العويصة  /
ولم  يبق  إلا  الأوراق  التي  لوثتها  الريح  الفاسدة  /
وأطراف  المحنة  التي  جاءتنا  من  أودية  العهر  / 
والمذابل
أيها  النحل  والنمل  الشفوق
فوق  نبض  الصواري  /
وتحته  ألسنة  البروق  /
وعند  جنون  الصحاري  /
تكاثرت  صغار  الأعاصير  /
وأجنة  الرياح  /
أما  عسس  سليمان  الرملية  /
فلم  تكن
إلا  بقايا  من  الحكم  الرتيقة
والتي  تواتر  عنها
إن  لم  يدركها  البلوغ  بعد /
ولم  تزل  تحبو  عند  حواشي  الكراسات  الملونة

(16)
غير  أن  الفارس  الماهل  /
كالريح  /
وكالخيل  صدام  /
ضوء  الجرح  بما  يشبه  أطياف  حمام  /
فاستكان  العشب  دهراً   /
عند  عينيه  ونام  /
وعلى  الصدر  من  العشب  /
من  الحُبِّ  /
         من  الحَبّ  ِ/
              من  الحرب   /
                      من  النار  /
                                 وسام   /  
وعلى  الجهة  برق  وكلام  /
ومن  الكفين  نشتار
حراباً
ودروباً  للأمام
غير  أن  الفارس  الماهل  /
كالريح
وكالصقر  مقام   /
       حطّ  في  عيني   /
            سهمين  صغيرين  /
               من  الحنطة  واللوز  /
              وولى  /
             شهقة  لطائر  أعلى   /
                                      ثم  أعلى  /
                                  ثم  أعلى  /
                                 ثم  أعلى  /
                         يا  إلهي  /
وعلى  البرق،  أو  النار  استقام .
عزتي
كن  الشاهد  والصياد
ولكنت  الرياح  الغريبة
فآثرت  الغناء
والشاهد  زهر  ونهر

(17)
كنا  جمع  من  الرجال
وكنا  نغني
وعلى  السطح  الملتهب
كانت  بقايا  الأجنة  غير  المكتملة
تساقط
حاصل  طرح  التعب

(18)
كان  صوتنا  قوياً
وفوق  الحوائط  النتنة  واللعينة
كانت  بقايا  الألبسة  القديمة
تقيم  حرساً  لمجد  الخنوع
حتى  تنام  دواخل  البنادق  الصدئة  والمفرغة
وعلى  أطراف  ألسنتنا  كان  الغناء  ينطلق  مالحاً

(19)
شممت  /
       ثلاثة  /
            حوار  /
اثنين
اخترقت  شظية  حوافر  الحمار  / 
انفلقت  خطيئتي/
وطلع  النهار  /
وفوق  عينيه  الوحيدة  السقيمة  /
بقية  من  صفعة  قديمة  وخطة  مرقعة
وبصقة  / 
         وعار  / 
إحدى  عشر  /
وضعت  نقطتين  قبل  الخاتمة  /
                                     توطئة  /
                                 وفاتحة  /
لسيدي  الإعصار  .
عليّ  وضع  نقطة  مؤخرةر.
                                         وبعد  /
                                   يا  حبيبتي  /
                                                   وقبل  /
                                           يا  حبيبتي /
وقيل  أن  يظلم  في  عيوني  الكلام  /
لك  السلام  /
لك  السلام   .

ابواب

الباب : مبدأ فصول الكتاب.
والبابات :سطور الكتاب .
والبابة : الغاية من الشئ
الباء بوابة البهو ، تدخلها ، فتدخل محفل الاستقبال ، او تدخل البيت الذي هو بوابة البيوت او الخيام.
انت لا تدخل البيت قبل ان تدخل البهو .
البهو ، باب الابواب .
والالف ، بـاب إقرأ بلازمتها القطعيةللتوكيد اللفظي . وانت حين تبصر الالف ، تبصر بهو القراءة .
البهو باب القرآءات . وكل قراءة مدينة ، وكل مدينة بيوت ، ولكل بيت باب .
واما الباء الثانية ، فهي توكيد لفظي ، وبصري للباء الاولي ، لن تتأكد هيئة الباب الحقيقي إلا بها ،
خرج «ابونا » آدم من باب الجنة ، ودخل من باب الارض ، وهو نفس الباب المؤدي من الجنة ، والمؤدي للارض .
دخل آدم الارض من بابها المجازي ،واخترع الخوف والقتل .
وتضامنت الشجرة مع آدم ، وخرجت من باب الجنة ، ودخلت الارض من بابها .
وانجبت الشجرة الباب /
الباب ابن الشجرة /
ومشي آدم في الارض /
ومشت الشجرة /
وفي مشيه المتواصل في الارض ، اخترع الخوف ، واخترع مع الخوف النار .
النار هي باب الكهف الاول /
الخوف هو ذريعة تمكين نسل آدم في الارض /
والقتل كذلك ، ذريعة تمكين نسل آدم من الارض /
والابواب ، ايضاً ذريعة الامن ، وضد الخوف /
والابواب قبائل ، وبطون ، وافخاز ، وفروع /
تناسل نسل آدم وانتشر في الارض ، وانتشر معه الخوف والقتل / وكذلك تناسلت الابواب /
كان اول باب اختره الانسان برياً « فالصنعة تدل علي الصانع »
وآخر باب اخترعه الانسان ما زال قيد الانجاز /
كانت البيوت برية ، وكذلك ابوابها /
كان آدم قد عُلِّم الاسماء كلها ، بما فيها اسماء الابواب .
كبر نسل آدم وانتشر /
وكبر معه اختراعه من الخوف وانتشر /
وكبرت ابوابه مع كبر اختراعاته من البيوت /
الباب هو وهم الحدود الفاصلة بين الامن والخوف /
وانداح نسل آدم في الارض ، وانداح معه الخوف ، واعدام الاشجار / وانداحت صناعة الابواب /
الباب نعي الشجر /
والباب إعلان هيئة الغموض /
الباب صيغة إعلاء الملكية الفردية /
كبر المنزل فكبر معه الباب ، وارتفع /
تناسل المنزل منازلاً ،فقري فمدناً ، وبلداناً ، وكذلك تناسلت الابواب ، هيئات واشكالاً واحجاماً /
هناك باب للبهو /
وباب للمنزل /
وابواب للغرف /
ابواب للقري /
واخري للمدن /
ابواب للحصون / واخري للاوطان مسورة بالخوف ومدججة بالقتل .
ومشي الباب من جغرافية الحقيقة الي جغرافية المجاز .
العين باب النوم وباب الضوء /
الفم باب الكلام وباب وباب الخصام ، وباب الأذي /
وهنا تنفتح الابواب باتجاه المطلق /
من النار الي الخشب ، الي الحديد المسخر ، الي الابواب الإلكترونيّة الي المجاز.
اليد باب العمل /
الرجل باب السفر /
المجاز مكيدة تجاوز الواقع باتجاه المطلق .
باب لله / باب للخير وباب للشر / باب للنور وآخر للظلام / باب للكلام وآخر للصمت / باب للعلم وآخر للجهل /
باب السماء هو نفسه باب الارض /
ابواب المجاز عالية / وابواب الوقع واطئة /
ابواب المجاز لايغلها إلا جهل الانسان /
وابواب الواقع يغلقها الانسان في وجه اخيه الانسان /
اصدقائي الاعزاء /
اغلقوا ابوب هواتفكم / وابواب إيميلاتكم / وابواب بريدكم ، وابواب ابوابكم.
اغلقوا احلامكم / وافراحكم واحزانكم /
اغلقوا صمتكم / وجميع ابوابكم ، الحقيقي منها والمجاز /
إلا باب الريح /
إلا باب الريح /
إلا باب الريح /
دعوا باب الريح مفتوحاً /
اصدقائي الاعزاء ، إن الأذي المموه في العبارة الخاطئة ،بذريعة الراحة ، عظيم وجارح /
اولاً ، ايها الاعزاء . لان الريح لا تعترف بالابواب ولا البوابين ولا البُوابَة /
ولأن الريح كالشعر ، تمشي في كل الاتجاهات ، بلا إذن للمرور ولا جوازات للعبور /
الريح ايها الاصدقاء ، تتجاوز الواقع والمجاز /
لأن الريح ما بعد المجاز /
هل تستطيعون ان تغلقوا ابوابكم امام المجاز ؟
ثمّ ان الريح حلم النثر ، وحلم الشعر ، وحلم الحلم /
ثمّ إنكم ان اغلقتم ابوبكم فسد هواء الداخل / وفسدت مكتنزاتكم التي خشيتم عليها من الريح ، وفسد المكان كلّه /
ان الراحة كل الراحة ، ان تدعوا الريح تمر /
الريح ،باب المطر وباب الشجر وباب الابواب /
دعوا باب الريح مشرعاً /
واغلقوا ماعداه

النور


نصٌ من كتاب الصهيل





هل تشيد الآن مقبرة لدعواك القديمة ؟
هل تشكل من رفاة الوقت أغنية، بحجم تساهـل
الفلوات ؟
تستثني الغيوم، تهشها ، وتسوقها نحو انتحار
لا يقاوم ؟ . هل أنت تنتحل السلام لكي
تكون فريسة للسهو  قل  يا توق أي مجامر
توقد لينتقم الفراش من الحياة ؟
يا صديق السهو قل لي .    كيف ينتعل الغمام
خطى الغمام ، بل كيف تعجمك السهام
ولم تزل
تجتاح مفرزة الأمل ؟
وتـشـــكّل  الاحلام أعلاماً
وتعطي النيل أوسمة لكي يغفو قليلاً .
.. أو يكف عن البكاء .
.. وتخبئ الصيف الموشى بالرحيل
تشد أوردة الغناء
.....................
يا صديقي
كنت مهموماً قليلاً
المدينة داهمتني .
 قلت : ما يبغيك عاهرة ، و كل
الصيف ضمن ظلالك  الكسلى، وكل الموت
ضمن اهابك المثقوب من كل الجهات ؟ وأنا
أمتهنت ضجيج أوهامي فكفى كي أنام
ولكن المدينة راودتدني..
قلت : لي كفن تحاشته العشيرة كلها .  إني أخبئ
فيه حاشيتي ، و جندي والكثير من المهام..
كفى لكي أغفو قليلاً  . . أو أنام!
لكن المدينة ضاجعتني ، قلت  : قد تلدين كارثة ،
وقد يتغـافل الصيف الظلال .. وقد تهاجر
تدرين كم وجع الأنامل حين يحملها الكلام على
الكلام ؟
لكن المدينة كارثتني
قلت: فانتظري قليلاً  كي أرتب موتي الملكي ،
أدحو ما أحتقبت من الأسى، وأنضّد السهو
المفارق، أمنح الأشياء خنجرها وأكتب كل
أسمائي ، لعل الطائر الجمري يمنحني قليلاً
من رماد الوقت .
يذهبني إلى حيث المسافات أزدهت بالخيل ،
حيث سكينتي سكنت، وأممت المسافة بين
روحي والمدى
قلت :
انتظرتك ، فـانمحي حتى أرتب ما تبقى من
هواء فاسد، وأوسد الأسفار مايربو على لغو
الكلام ، فدعي دمي يغفو قليلاً .. أو ينام
لكن المدينة يا صديق الصحو   .
هل أدعو دمي حجراً و أمنحه سمات البحر
أو صمت الكلام حتى يكف عن الضجيج
لكي أنام
إني أسمي الريح مملكتي وأوهامي
جنودي، والمدى سيفي ، وكل فريّة فيّ
الأرض فاصلة الذي أسميه إسمي، أو أسميه
التخثر في عيون الآخرين .
فخذوا الممالك ،
والنياشين الصقلية ، والجنود الانكشاريين،
أبواب الدخول الى السلاطين ، الخيول
الباردة ، وخذوا الغمام.
ودعوا الكلام..
أنني أخبئ فيه أوردتي وطيف حبيبتي،
وأخبئ الوقت الشفيف لكي أنام
أبدعت عاشقتي، وأطلقت الكلام على عواهنه،
وقلت لها تسافر ، فالمدى ظلي، وأسمائي
هي الوطن الذي سكنته من قبل التكوّن قبل
فاصلة الكلام / سكنت
فقلت : حبيبتي رجِّي قليلاً ماء هذا الجرح
حتى لا يغالبني ويغلبني المنام
أوغلت في سهوي وصحوي ، واندغمت
بصورتي آه انفتحت أيا سهوب ا لنار  لمْ
عمدتني خيلاً تخلت عن هويتها ، وسيفاً تاه
عن غمد الفضيحة واستراح آهٍ ، أيا سرب
القطا لو نمت ، نمت بلا صباح .
سكنت .
فقلت :
حبيبتي ما زال في الروح الكثير من البياض،
ما زال طائري الأنيق يشكل الفلوات قرطاساً
وينشر ظله علماً على ما قد تبقى من بلادٍ
يمنح الأسماء سطوتها  وأسمائي بلا عدد،
فهلا قلت شيئاً كي أرقمها بما  في الروح من
ألق السواد .
كفرت .
فقلت :
البحر خيمتي الوحيدة ليس فيها شذى وتد .
وخطوت نحو متاهتي
عادت إليّ سفاهتي . 
وهتفت أسميني البلد .

الخميس، 11 نوفمبر 2010

الممعن في امتهانه حرفت الفلوات



 إني اتكأت على « هوى»
  فعلوت  
  قاع البحر قبعتي وآلاف المرايا كلها جرح لما كنت انتويت من التلبس .  خلتني فرسا، وخلت توجسي رئة ، وخلت الماء مملكتي .  صهلت ، 
  ودخلت من باب المهابة نحو باب الماء 
  ها طير يظللني بما كنت ادخرت من التطيّر.. وانتشرت 
  قبيلة شكلتها قبل انحسار الظل ، أعطيت القبيلة سيف أوهامي وقلت تكاثروا 
                  اني ادخرت لكم خروجا ممعنا في الذَّهْب حتى آخر الفلوات .
 أو حتى السكون .  ومضيت  ألّفت المهابة وانكسار الظل ، ألفت القطا صيفًا وقلت : العشب مملكة الحصا، وسكنت مملكة الحجر ،
بوابة أخرى وها صيف أليف قد تخلى عن جهامته
يسوي ما تعلق من غبار خلف نافذتي
 يصنف ما كتبت ،
 يصفف الزوار حسب الالتباس ،
 يمنح للرياح وثيقة السفر الوحيدة ،
 ثم يكتب في مفكرة الغبار بجوعه الصيفي
ها قد غادرت كل النوارس آخر الصلوات
 وابتعدت قريبا من شغاف القلب ، من ملكوتها الطيري .
 وانفتحت كوىً..مطر شفيف بلل التعب المعتق  وانتفضت ،
 الطير صيّرني أنا
، ومضيت نحوي واثقاً ،الطير حملني الفضيحة كلها ووشى بأحزاني، الطير أوغل في دمي تجواله ، الطير أوسعني غناء واشتعالا 
 الطير ..
 يا طيرُ
 الموانئ كلها لم تتسع لدمي فحاورني قليلا ، ربما أعطيك مسبحتي ، وعرق قبيلتي أعطيك ما تستأثر الحمى من الطين الطري ، وما تبقى من قواميس الغنيمة ، وما اشتملتُ عليه من فوضى ومن قيم التسكع خلف غيم الرمل أعطيك الذي وهبته للريح الخيول .. لتكف عن هذا الصهيل
 . أوغلت في بوابة أخرى 
  وها قمر يهش جيوشه الكسلى على مهل 
  إلى جزر النهار ،يمنح الغيم المقيم شجونه ،  
  يعطيه فاتحة الكلام وما توافر من مرايا. 
  أواه يا قمر التعابى والسبايا 
  هل بدوت لكي تذكرني بما اختزلته روحي منك 
يا ذهب الفرار ؟ 
  خذني إليك هنيهة  
  خذني إلى جزر النهار لعل فيها طائراً أسميته روحي 
  وأسماني عقيق الانكسار 
يا طائري القمري ها أشتبه النبيذ 
فقامتي نخل يوزع ما يشاء من الظلال 
على المدى ويخبئ الخمر النبي لعل طائفة من الجوعى
تمرُّ وتصطفي ما فيه من خدرٍ لذيذ 
كنت أسميه التوغل في الكتاب أو التوغل في التعب 
« دعني أحدق في هوى»
جيش من الموتى يهرول في البرية 
تاجه حطب وفي أردانه كل المعاول كل مملكة الخشب 
و « هوى ..»
يفتش عن حروب الرمل والشجر المناكف  
  هل رميت بمائه في الماء يا جمري؟ 
  هل أطعمته حبر المجاعة ؟ 
  واختزنت القبر جنديا وتاجا للسلام ؟ 
  كان لي شجر  
  يحاورني إذا عزت سماء الصيف ، يلهمني التطلع في مرايا كلها ختل ويحملني بعيدا كي أرى عري القريب من السهام 
  وها أنا عمداً  أعمد قامتي مطرا، 
  أسوف ما تبقى من قبور الاحتمال ، 
  أعيد جدولة البعيد من البياض 
  وفضة المدعو الكلام 
  وها غاباتي ارتحلت تجاه الرمل 
أو ذهبت إلى ذهب النجاة                    
قلت : مفتعلا رجاحة ما أسميه السكوت عن الرزايا
قلت : ها مطر المرايا سوف يحملني قريبا نحو عرش الرمل  
 هل من نزهة للخيل كي تتوضأ الملكات من دمي الأثيث ، وتعيد جبتي القديمة 
والسراج البابلي ، وشهوة المتكلمين ، وسيف عنترة الثليم وما تساقط من خطىً في الرمل حتى أخيط لقبرك اللغوي ما فتقته أيام التمرس في الرحيل ؟ 
آه حسين 
النهر أقرب من دم الكوفي 
وأسراب القطا ظلٌّ توهج بالسكوت وبالسكون 
وأنت تمعن في امتهانك حرفة الفلوات كي تبقى قريبا من حروف الجزم 
  بل من كل أفعال التعدي كي تصون الهودج النوري من عسف الرمال، ومن رحيل لا يهادن 
  إني انتقيتك مغزلا 
  ودمي وشاحا للسهول 
  والخيل خيلاء النزوح 
  فهل توافيني بمنعطف النهار 
  أو فوق خيمتنا الوضيئة  
  كي أقول : القبر سوق عكاظنا 
  فلنتحد 
 

طرف حديس

طرف حديس

عماد كيف حالك . استأذنك في نشر هذه السالة الخاصة


انا يا عماد مكتول في حوش ناس كتابتك .
انقذني من عافية لم اعتدها ، تأتيني من ناحية البحر ،
تجتاح البدن الموبوء ، والوطن الموبوء ، حتي آخر ابجدية الوباء ، والزمن الموبوء ،حتي الفيمتو ثانية ،
والصحبة ،
كيف لمطر ان يتهجي عطش الروح ؟
.................................
خشب لبيت ذاكرتي .. وتابوت السلام /
خشب ، اذا عزّ الونيس ، يقود قافلة الكلام /
انا يا عمادُ فريسة للخسر /
والخسر يا صديقي ، شمال الصحراء ،
وجنوب المطر ،
وفوق الكلام ،
وتحت الجهات
غناء الآلهات عند السحر ،
الجهات الكلام الذي يتهجي جنوب الحجر ،
الجهات ، عصر الاله ،
وظُهْرُ الشفيف مما تخط يداك ،
والجهات ملاك ،
والجهات ، ليل الغناء ،
وفجر العصافير اذا مسها السهو !
الجهات فلاة ،
والجهات صلاة ،
والجهات هي الشجر العبقري الذي وهبته الحياة لجيرانها .
الجهات عماد الجهات ،
والجهات هي الوقت ، حين يصبح الوقت محض رماد !
يا عماد
وجيرانك الذين جابوا الصخر بالواد .
كيف حال الصخر ؟
وكيف حال الواد ؟
انا احب الصخر يا عماد،
الصخر الذي يتكلم صلفاً وكبرياء ً ،
الصخر الذي يتكلم صمتاً ،
ويتكلم حجراً ،
وربما تكلم نبلةً او جسراً غير قابل للعبور عليه ، او يقودك قسراً الي لغة الإشارة .
ولكنه ، يا عماد ، حبٌ من طرفٍ واحد !
إنه الطرف المقابل للسماء تماماً .
هذا الطرف يا صديقي ، له حالات مجنونة وتحولات قارة .
كل الذين مروا من هذا الطرف يحبون الله ..................
ولم تُستقبل ، حتي هذه اللحظة ، خطاب ، او رسالة نصية ، ولا برقية ، ولا حتي تلويحة ، تطمن العشاق المتسربلين ،من لدن آدم ، وآدم سميث .وحتي اسامة بن لادن .
كلهم يحبون الله .
هذا الطرف يا صديقي غميس ، قيل إنه الطرف الاغر ، وطرف التوب ، وطرف القرقاب ، وطرف القرقريبة ، وطرف البيت ، وطرف الحِلّة وطرف الحَلّة ، وطرف الكلام ، وطرف الظلام ، وطرف الجهات ، وطرف عماد عبدالله، وطرف جنكيز خان ، وطرف حتشبسوت ، وطرف بلاد بنت ، وطرف ديم الحجر ، المقابل لطرف السوق الشعبي ، المقابل لطرف ميدان سباق الخيل ، وطرف الجغرافيا ، وطرف الدين ، وحتي طرف جمل الطريفي .
وعندي طرف حديس عن كيف فارق الحاج الطريفي جمله ؟
هل هو الإهمال ؟ ام اصطـادته احــدي دوريات الحيوانات الهاملة ؟ ام شرطة ضبط الشارع ، باعتبار الجمل عورة ؟
وطرف الجان الذي لجّاك لِبي الجن !
لم يبق الا طرف كتابتكم القاتلة .
ولكم في القصاص حياة يا اولي القص .
قيل في رواية موثقة بسفر من العنعنة ، ومن ظننا الواسع ، ان القصاص ، هو ابن عم القص ، من جهة امه ، ويروي ان امه سودانية فصيحة .
انا اُسَكِّنُ قتلي بهذه الكتابة .
او قل امدده الي ذات نوم .

تقبلني كما انا ، مفرداً إلا من ظلي
النور احمد علي

حجرٌ وكفي

حجرٌ وكفي


قنديل اخضر في آخر طرقات العتمة ، دلني عليّ .
كان التلوُّ عالياً /
والتلفت عالياً /... See More
والنشيد عالياً /
النشيد عطر الروح .
كنت وحيداً ، وقنديل اخضر ، وخلفي وحدتي تغني .
كان النشيد مالحاً /
وكان القنديل مالحاً /
القيت علي قنديلي الاخضر السلام وسرت خلفه .
والفخاخ ايضاً مالحة ، قالت روحي .
قلت سأتدبر النشيد /
اعرف العتمة .
خبرتها زمناً ، حين كان النخل ابجدية ، والعشب قرطاساً /
وكنت مداد الوجع الممتد ، من اول مباهج اللون ، وحتي آخر مباهج الابجدية .
تدربت حواسي ، وخبرت كلّ مسارات الغلوّ والولوغ .
الخوف فاكهة حين يستدرج الخلاء الي فخاخه .
استدرج ظلي ، احادثه برفق ، ويعلو التُّلو /
اقرأ علي متنه المشبع بالعتمة ، ضجراً وخوفاً ،
اتمهل في خطوي /
يسرع ظلي في خطوه /
يتنحي جانباً ، ثم يمشي علي مهله ، مبتعداً دون ادني تلويحة وداع .
تقطر دمعة مني /
وتقطر دمعة من ظلي/
تتباعد خطانا ، وامشي في دمي /
هي العشرة الملح ، طعم الحياة /
لقد خبرته كما تخبر الكفُّ الاصابع /
انا وهو والسيد الضوء ، كنا فرقة ، ونحب الكلام /
حين تغلظ الشمس ، اخبئه خلفي لاداريه من وحشيتها.
وحين اسكن ، اسكنه جلدي ، واهدهد تعبه ، وصحبته التي لا تمل /
مرات كثيرة يأخذني من يدي ، ونذهب في ظنوننا /
احدثه عن آخر قنديل اخضر في في عتمة الروح /
ويحدثني عن ظلِّ حكاء حين تغيب الشمس / لحظتها يتناسل ظلا ماهلاً يمسد الاصدقاء ، والمحرومين من مدائح الظل ، ويهش السموم باتجاه الفيافي /
.......... ، يبتعد /
..... ارفع يدي ملوحاً ، ويختلط الامر عليّ ، هل هي تلويحة وداع ؟ ام نداء الي مقام الظل ؟
ارقبه يمضي مندغماً في ظلال المباني الشاهقة ، ثم يخرج من من خلال الاشجار المحتشدة عند نهر الشارع .
يتحاشي الشمس ، ولا ينظر تجاهي /
يضبطني الشرطي بلا ظل /
ظلي ظلّ بعيداً /
اكتب رسالة الي ظلي /
ترد الشمس مجهول الهوية /
... ، اريد ظلي ايتها الشمس .
او اعيديني الي النيل ، حارساً لجروفه ، شراعاً لاحدي ماخراته ، جدولاً ، موجة ، او قبضة طمي /
اعيديني ، اذناً لغناء الخليل /
قارباً للعبور /
مشرعاً /
او مدي للرحيل /
خذو حنجرتي ووفاكهة حروفي /
خذو كل حواسي /
فقط ،اعيدوني الي سماحة الامية ، وقواميسها الامية ، ولثغتها الامية . حيث الاحضان الامية مختصر الكلام ، ومختصر الدفء ، ومختصر السلام .
اعيدوني ، حجراً او صبابة /
او حتي مقاماً للظل /
الظل عدوّ الشمس /
والشمس فاكهة كرمز
....................
اعيدوني الي امية الجغرافيا ، وامية الناس ، وامية النيل ، وامية مائه .. اعيدوا اليّ خطوي الاول ، وكفي . بعيدلً عن الصحف ، بعيداً عن الابجدية ، بعيداً عن الرسم ، وبعيدلً عن الحواس جميعها .
فقط اريدني حجراً ، في فضاء يحترم الحجارة .

اعلل النفس .................

اعلل النفس .................

«تمكن رؤوف علوان وكلابه ، من محاصرة سعيد مهران ، بعدما سجنه ، وحول اسرته واصدقاءه الى اعداء . هو ، اي رؤوف علوان في رواية « اللص والكلاب « لنجيب محفوظ ، كاتب تخلى عن مبادئه ، وحول صحيفته الى وسيلة للثراء غير المشروع . لكنه بات مفضوحا ، تماما مثل غيره الكثرين ، »
جمعة اللامي


الصحراءكتاب التيه ، هل منكم من يقرأ الرمل ؟ هذا الغناء المالح ..صديق السموم والمدلجين . الرمل المبرأ من خديعة السراب ، الذاهب في في انتحال الحلم وفي بلاغة المدي .
الرمل المفرد في صيغة الجمع ، الذاهب في محوك .. هو لا يخدعك .. ولكنه يشي للشمس فعل الذهب ..
غربال الماء وفخاخ الخرج .
انت لا تعبر الرمل مرتين .
الرمـل المتحـرك من ضفاف الكذب ، الي ضفاف كذب آجر . الرمل مفرد كامل الهيئة ، انيق البلورة ، وجمع في صيقة المفرد .
لا تزرع فية احلامك لأنه يموه السراب .
لا تحادثه ان جعت ، لأنه لا يحفظ الاسرار ،
فقط الريح في عنفوانها هي الاقدر علي محاورته .
حين يتحرك الرمل ، ابن الصحراء ، وصحراء الرمل ، تغيم الخـرائـط ، وتعمـش الرؤية ، وتنبهـم الدروب ، وتختلط انسابها .
حين يغني الرمل ، لا يطربك ، ولكنه يذهب بعيداً في غسل ذاكرتك الجغرافية ، ويمدك بخرائط لا يقرأوها الا هو .
يذهب بعيدآ في تقريظ الخوف ، ومدح الجفاء .
يذهب بعيداً في تشويش ابجدية النظر .
الرمل صديق اليل .
واليل صديق الصحراء /
والصحراء صديقة الثعالب والضباع /
الصحراء ضد اليقين /
الصحراء ضد الماء /
الصحراء ضد الشحر / وضد الظل / وضد الخِل الفسل / وضد الوقت / وضد الغيم / بل وضد الحياة نفسها .
في الصحراء وحدتك فقط هي نشيد الروح .
وحدتك لا تملك ظلاً ، ولا تسبق ظلك . انها تنظر اليك من داخلك ، ثم تهمس في سرها ،انا اعرف هذا الكائن ، ثم تقدم نفسها اليك باعتبارها قرينتك ، انت ابي ، وكلانها مرغم علي عشق الصحراء ومداهنتها ، خاصة حين تمتد بساطاً هائلاً من الذهب الكاذب ، وكلانا يعلن صراحة انه امي في ابجدية الماء .
النخل وحده قد يكون الترجمة الحقيقة والاصدق لها ،
النخل لا يموت إلا واقفاً ، هـذه هي بسـالـة النخـل ، وهي بسالة من يرغب في قراءة الافق ، ورصد الانواء ، واتجاهات الريح .
الثعالب ماكرة /
والضباع خبيثة /
وهوام الصحراء لا تتعترف إلا باليل صديقاً /
والنخل يقرأ ، وهو يواجه العدم
يترجم الحلم ................لليل طويل /
وبعض الكلام

الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

صديقي ،واستاذي بولا

رأسي يضجّ بالاسئلة، وليس من بينها سؤال واحدٌ غير قلق. وجلها أسئلة وجودية. وانا متوافق معها، ومستريح إلى ضجيجها، وعبثها في «يافوخي». ولمناسبة الحال، أواصل كتابة العلامات. واتصور ان الـ«؟» (الاستفهام) تناسب الحال
السؤال:
       نخلةٌ تتهجي هواء الجنوب.
       فتعيد اكتشاف الخطوب.
       وتعيد الشمال لضجيج السؤال
***********
       ساصفي الكلام
       الذي في حديقة وقتي
       احفِّزُ صمتي علي صمته.
       وأعطي المنائح ما تستحقُّ من الاحترام.
       لترعي، علي مهلها
       ضجري.
       وتطهو على مهلها،
       حجراً كنته...راضياً
       والسلام.
غير انّ السؤال مفرطٌ في السؤال.
       سيدي
       ..وأنت تُرَتِّقُ ثوب الغمام،
       لتستر عري الكلام.
************
       كدتُ اختار ضجيج الطير منفا
       والمسيرَ المُرَّ فوق الشوك حِرْفة.
       ودمي شيخاً... بمليون ححكاية.
       وخِواءَ الروح شرفة...
**********
غير أن الهاء الهتني قليلاً عن سؤالي، سرت فوق الغمر في ظلمة روحي..غبش في القلب، بل كل الشرايين غَبَشْ. ودمي منسأةٌ، كلما رحت اهشُّ القلب، اقعي وانكمشْ. فالمدي صيفٌ. وخيل الله لا تركض من غير وضوء، وصلاة الطير لا تنجي سوي ظلمتها... وسهام الليل تنشكُّ علي خاصرتي، ودمي طيرٌ بلا اجنحةٍ.
..والكلام حجرٌ في فمي
***********
       كاد هذا الحلم أن يمتدَّ
       قرنين ونصف،
       رُغمَ اني لم انمْ.
       كنت مهموماً بهذا الشجر الملعون
        يمشي في دمي،
       ثم يختار شمال القلب منفي.
       قلت : يا هذا الشجر،
       في فضاءِ الله مليون متاهة..
       وحجر..
       وظلام
       فدعِ القلب ينام.
منذ قرنين ونصف، لم انمْ.
       قلتُ للشاعر -في النوم الذي لم انمه:
       انت لا تعرفني.
       وانا قد قلت ، دوماً، انا لا اعرفني.
       وسماء الله لا تعرفني.
     والكتاب المرُّ لايعرفني
  يا صديقي، إنَّ هاء الله لا تعرفني.
فدع القلب ينامْ.
*****************
       ونما في مركز الفلب السؤال
       الجهات اشتبهت،
       واختفي من خارطة الكون الشمال/
***************
       كان جدي ملكاً للشطرنج.
       وحين ينظر الملك الخشبي،
       -الي شعلة النار - في الموقد المحتمل
       ويري جثة الوقت، باردةً
       ووردةُ الموت لم تكتمل؟
يستطيل السؤال،
       ما الذي يُشبه حشرجة الوقت عند الزوال؟
***************
       قلبي عنيد/
       وجدران قلبي ضعيفة/
       والجوانح عامرةٌ بالظلام/
       نبضةٌ واحدة/ ويتوه الكلام
******************
       يا صديقي
       السؤال: حين يصبحُ رأسك شوكاً كثيفاً/
       وتصحبه نوبةٌ من سعال.
****************
       حين هلَّ السؤال ، كان وقت الظهيرة.
       كان جدِّي الكفيف /
       يرعي كفيف الامل/
       ويحثُّ اصابعه الماهرة/
       ان تُجيد العمل.
       ...فجأةً، هبطتْ سعلةٌ/
       مال قلب الفقيه- جهة الصمتِ- قليلاً/
       ..صفا لحظةً..
       ادار كلَّ الجهات في خاطره.
       توضأ بالشوق/
       ثمَّ انفطر
********************
       ها انا سيدي/
       اجمعُ شمل الجهات في خاطري/
       اشكل من فيئها علماً، ووطن/
       اسمنها من فتات الخرافات/
       اُؤهلها «للشهادة» في كل براءتها/
       ازودها بالهواء الفطن/
       انام ،قليلاً، علي صفحةِ الماء.
       ليس مكراً/
       فجدي كان يمشي عليهِ/
       وكان يُوَقِعُ بالماء اسماءه كلَّها/
       ينقي الهواء/
       ويجعل كُلَّ الجهاتْ قابلة للزيادة
       يُشِكِلُ كلَّ الزمان عام رمادة
***************
       ويبقي السؤال، يدقُّ بعفٍ جدار الخيال،
       استاذي بولا
       ها انا أقف امام مهابتكم عارياً، لا لغة تستر عورة لثغي، ولا خيال قادراً علي فكاكي. العيّ وطن استحقه عن كفاءة تقاصري.
       إذا كانت الاسئلة مفتاح مغاليق العمي، فانا كلما سألت ، اختنقت بلغة الاسئلة نفسها .وازدادت المغاليق إغلاقاً.
       وإذا كان الفطام من حليب الام ممكن، باستدعاء كل منفرات الرضاعة؛ يبقي حضن الام ودفئه، بديلاً مجازياً، يمكن للطفولة ان تتصالح معه؛ فكيف يكون فطام الصديق .بكل ما يكتنزه من حبٍّ،؟ وودٍ ؟،وعطاء؟
        انا اتصور ان العالم الذي يعرف جوهر الصداقة. لم يكتشف بعد ، منفرات فطامها؛ ولا اظنُّه يرغب في مثل هكذا اكتشاف.
       عزيزي بولا؛ ان مطمح عافيتك.يبقي ضمن نسغ «العلم الروحي التجريبي»وهو يخصُّ-فقط-ذلك النفر الذي كابدها؛ وانا منهم.
*****************

رسالة الــ «ع » 3

رسالة الــ «ع» 3

ما زلت في مخاضة العين .
      اما إذا حركنا المبصور من صورة العين السابقة ، عكس مسار عقرب الساعة ، فسنحصل علي تمثيل للعين كما هي في الواقع العياني .
      نعم ، احداهما صغيرة ، ربما ضيِّقِت حدقتيها ، حتي تُضَائل المبصور في الواقع ، وربما تعففاً ونفوراً من صورته ، وربما حفاظاً علي مخزونها من حسن الصور ، وربما حرماناً للبشاعة من حق الارشفة ، وربما ضنّاً بمكوناتها من الخراب ،وربما حرصاً علي الذاكرة الانسانية من الحشو ومن مبصور اللغو ، وتوفير سعتها للحلم . وربما تكاثر الخثر ، فهربت بفلها البصري ، منعاً لمزيد من الخثر .
      ربما رمدت ، وقصدت الرمد . العين تختار فعل القصد .
      وربما ضاقت ، صوناً للضوء ، املاً بتوسيع مساحة البصر ، المتحول الي بصيرة .
      هكذا ، كان جدُّك عثمان ، مبصراً ، وازعم ، دون ان اتحرك جهة « الكضب » او الغرض ،انك وارث بالاصالة .
      كان جدٌّك يري ، لأن البصيرة لا تكذب ، لأنها لم تخالط البشر ، لانها تنمو وتترعرع في منطقة الانسانية . ولأنـها تملك قـدرة تجـاوز الواقع ، ولأنها تري الغد بجلاء ، ومن هنا دخل « الغوث ،والابدال » حارة القاموس الصوفي .
      « يضيء وجهه بنور عرفاني »
      كان هذا زاد كافٍ للإستغناء عن البصر ، والاكتفاء بتمدده اللغوي والدلالي ، البصيرة .
      واتسعت حدقتا الاخري ، في صوة الـ « ع » ين المتشكلة من ع طرفنا .
      ربما قتامة المبصور الواقعي اجبرتها علي هذا التوسع القسري .
      كلما عتم المرئي ،احتاج وسيط الرؤية الي مزيد من الضوء من اجل إجلاء الهيئة ، وتحقيق مزيد من المعلومات البصرية ، والتي علي هديها يتم تدبر الطريق . اعني طريق البصر .
      وربما اتسعت من اجل حاجة الارشيف البصري الي التوسعة ، وتراكم المبصور ، ايّا كانت صورته ودلالته ، لاجل الاستخدام المستقبلي للتغيير ، وتعمير صورة المستقبل .
      وربما اتسعت دهشاً ، من هول ما تري .
      وربما هي الحيرة في اقصي تعابيرها العينية .
      وربما حتي لا تري ما تري ، وهذه معكوس حالة العين الاولي ، التي صغُرت . فلما اتسعت حدقة العين ، تكاثف الضوء ، وحين يفيض الضوء عن مضبوط حاجة الرؤية ، لا تري .
مرّةً اخري ،الضوء لا يري  . هو فقط خامة الرؤية .
      نتحرك نحو المجاز المعتمد في حقل الادب .
      ربما هي ع الـ[ ع ]قل ، يا عادل . هذا الربان الماهر ، الذي يقودك عبر المهاد دون ان تتوه ، وعبر وعورة الواقع وقتامته ، دون ان تعثر او تضل . بوصلة ذات كفاءة عالية . يعرف مهاجع  الود والصدق . يصعد بك فوق الصعاب لتري من علٍ افق  المهابة . يصدقك ، فلاتري إلا ما هو صدق ، ولاتنطق إلا ما هو صدق ، ولا تتكلم إلا ما في القلب ، دون ان ترتاب او تظن .
      العقل هو الطمأنينة في علو تجلياتها .
      العقل درب حين ينبهم الواقع  . وضوء حين يظلم الحول .
      هو لا يحتاج العين ، لأنه نفسه عين مبصرة ،
      هو رافعة حين تعثر . ومَقِيلٌ حين تفتر ،
      هو طاقة هائلة يزودك بالصمود عند المواجهة .
      وهو ، ايضاً ، طاقة تري منها ما لا تراه العين .
      العدل هو الحق . والحق موجود اول في قاموس الصوفية .
      نقطع عنده ، دون تمديد جهة الوراء .
      سأعود للدائرة ، بعد استكمال دائرة العين .
       اموت وفي النفس شيء من الـ « ع »
لك الود دون شائبة
النور احمد علي

رسالة الـ«ع» ٢

       والعين يا عادل وسيط اعمي ، او قل مأجور . وهي وسيط اعمي كونها تري الهيئة المبصورة ، بدء من كونتورها وتضاريسها ، وانتهاءاً بادني PIXEL منها ، ويحال كل هذا المحمول ، دون ادني تدخل من جانبها ، الي محطته القصوي ، وهي بالتالي كائن غير نقدي ، او قل حيادي مأجور لهذه المحطة القصوي .
       وهي لا تعرف مضمون حمولتها ، وان كان به منفعة او مضرة . ولذلك فعماها عمي معرفي . ومأجوريتها مجانية ، إلا في حالة منفعة المحمول حال تحليلها في تلك المحطة . وبالتالي تتفادي العين الاذي ضمن تفادي منظومة الرائي البيولوجية لذلك الأذي . وتنتهي رسالتها عند هذا الحد،
       وفي تلك المحطة القصوي ، تجري الدراسة والتحليل والتفكيك والتركيب والتصنيف . وإذا قصرت طاقت الدماغ المعرفية ، هنا تقع الكارثة . ويصبح العمي مزدوجاً .
        تصور يا عاد ، ان عيناً رأت لغماً ، عندها قامت بعملها كاملاً ، وارسلت الحمولة في طرد بصري  الي محطة التحليل ، وكانت محطة التحليل امية ، بمعني ان تراكمها المعرفي لم يمكنها من تبيان فحوي الرسالة ، هنا تكمن الكارثة ، حيث يتم تدمير الكائن صاحب العين ، ومعه كل ادواته . كون عينه عمياء ومحطة استقباله امية .
       كثيراً ما نقرأ في كثير من بقاع العالم ، حيث تسود الذئبية بكامل هيئتها الماكرة ، وهي لا تتذأبب فقط ، ولكنها تزرع نتاج ذئبيتها في اديم الارض  . اقول ، تقرأ ان طفلاً رأي مبصوراً ، وحملت العين المبصور الي محطة التحليل، ولقصور ذاتي في كفاءة محطة التحليل ، والتي لم يسمح لها العمر بتراكم معرفي يرفع من قصورها ، فذهبت تجاه الخداع والكذب ، او قل تغابي الجهل ، فاحالت الموضوع برمته الي اقرب مخزن منها تتقارب مخزوناته من هيئة المرئي ، وتضلل الرائي بذريعة جهله ،ان هذا الكائن لعبة . والتي تشكل إغراء للرائي عصي علي المقاومة . وتكون الكارثة .
       وتصور ، ان عيناً جمعيةً ، في مكان ما ، في زمان ما ، رأت ان في ذلك الزمان وذلك المكان ، وفي احدي وسائط الاعلام المبصورة ان هناك « ثورة إنقاذ » وحمل المحمول الي محطة التحليل ، وكانت عمياء ايضاً ، ولعطش المكان والزمان الي الانقاذ ، يركن العقل الي العجز المعرفي ، ثم الي الراحة والإسترخاء ويعود الي مخزونه ذي الطاقة التبريرية الهائلة ، فيستل منه « فرجه قريب » ويروح في النوم ، مفسحاً للكارثة لإكمال فعلها التدميري . لأنه ببساطة ، استعان بذاكرته المطاطة ، والتي لم تحتفظ باكثر مواثيقها نبالة « ميثاق الدفاع عن الديمقراطية » ، وان هناك آليات لهذا الدفاع  ، مرقومة في جسد الميثاق ، يمكنها ردع الكارثة .
       وتقع الكارثة
       وببساطة، ايضاً ، لأن هذا الدفاع يستوجب عملاً  ، والاسترخاء فضيلة الموتي في برد القبور وتحت حكم الزمن .
       من هنا يا عادل ، انبثق توصيف الإنسان الخلاق ، والذي هو مشروع « الانسان الكامل » في ادبيات الاديان ،وفيالمشاريع الوضعية بانه ذلك الكائن متكامل الحواس ومعافاها . باعتبارها وسائطه العرفية . وبقدر ثراء وتراكم محاصيل هذه الحواس ، تكون نسبية الوعي ، للدرجة التي يُعْتَمَدْ توصيف معاق علي الكائن الذي به عوار في احدي حواسه .
       اما في حالة تكامل الحواس لدي الكائن البشري ، ومعافاتها ودربتها ، يكون المحصول المعتمد علي هكذا حواس ، قادر علي انتاج حاسة مضافة ،كتلك التي انتجت « ياسارية الجبل » دون الإتكاء علي الماوراء ، وانتجت ايضاً قدرة التلقي من جابن سارية بن حصن ، وبينها مسافة شهر صحراوي .
النور

الصديق مامون
     يقول عبد شمس بن صخر : « كانت لي هرة صغيرة  ، فكنت اضعها بالليل في الشجرة [ هكذا معرفة بالالف واللام ] ، فإذا كان النهار  ، ذهبت بها معي ،فلعبت « بها » فكنيت بابي هريرة »
     مامون ارأيت الآن المسافة الماهلة ما بين «لعبة » عبد شمس انسنة شان ؟
     تمنيت لحظة المتعة الفئقة، اني شان .
     ارغب مكانته بكل انانية الطمـوح المشروع ، والذي اوردتنيه كتبتك في شأن سان . وإن قصر ذلك ، فيكفيني الامتساب ، او قل النحل .
     عبرت الانسنة ، من القرن الاول الهجري حتي الآن ، مسافة ما بين هرّة « لعبة » وشان الصديق . ولولا ان القيح شغل كلَّ المساحة المأمولة للكتابة ، لكتبت ما يليق بشان ، وعبره اليك . ولانجزت كثيراً من الاسئلة المؤجلة ، شأن كلَّ شأننا الحياتي والامساني !
      ولولا انني اكره لعبة التواسي الكسيحة في مواجهة الموت ، « لعزيتك » شاناً ، ولكني اتصوره أعلي من التعزية ، واكبر من الموت ، او هكذا صار ، بعد كتابتك في شأنه . إنه هناك يمش في كتابتك ملكاً . وسيظل يمشي ، حتي جفاف الابجدية ، او عزلها بحكم الخواء ،
النـــــــــــــــــــــــــــــــــــــور

الــ«ع»

     العين قوسان متماسان ، قوس صغير ، وآخر اكبر منه ، يشكل قاعدة التماس للقوس الصغير . وحين قلبهما من اليسار الي اليمين ، تتشكل دائرتان متماستان . الكبري حامل والصغري محمول دون ان تتخلي عن دائيتها .
     والقلب في ضمير الجماعة الثقافي ، وفقهها اللغوي . هو « الشليق » الذي يقوم به« البصير » ، طبيب العيون الشعبي ، من اجل تجلية العيون ، المتحولة من العيان المعجمي ، الي العيان الوجودي ، مما لحق بها من خبث العيان .
      والعين المعجمية حــال قلبـها الي دائرة ، تبقي هي العين المعيـنة . تبـقي  الدائرة ، والدائـرة نقطة ، تناسـخت ، او تناسلت ، وغيرت مسار حركتها ، في مسار دائزي لتكمل تماثلها مع العين . والنقطة حين تكمل حركتها ، المستقيمة او الافقية ، تصير خطاً . من هنا بدأ تشكيل العالم .
     الدائرة تنجز مجازها كرمز لاكتمال دائرة التشكيل . ليس بعد التقاء نقاط الدائرة من مزيد عليها . ثم تنداح في مجازها حتي يمكن ان نقول ان الانسان دائرة .
    اتصور ، وعند هذه النقطة ، اكتسب الانسان ربوبيته . يقول الحلاج « يتجلي الله علي رأس دبوس » تلك هي النقطة يا عادل التي اكتملت منها دائرة الانسانية .
     هذا عن محيط عينك يا عادل ، ماذا عن المحاط ؟ الكتلة المحاطة بالدائرة ؟
     هل هو ما عناه ماركس باكتمال وصف العالم ، وعن وجوب تغييره من قبل الفلاسفة ؟
     الدائرة لا تكتمل علي فراغ ، وإلا سقطت قيمة اكتمالها ، وسار هذا الإكتمال تجاه اللامعني او العبث . الإكتمال  ذروة الجهد . هل يمكن ان تكون ذروة الجهد نقصان ؟
     ان وضعنا نقطة في مركز الدائرة ، نري نقطة ، هل النقطة هي تجريد العبث ؟ لا . هي بدء التشكيل . تشكيل العالم . ودخل المبصور حيز التحقق .
      هل النقطة إذ تتناسل في مركز المحيط ، إيذاناً بدخول البؤبؤ دائرة الوجود ؟
      هل هذا يكفي لتكون لنا عينٌ عيان ، ونري ؟
      يقول ابن العربي ، للعين جفنان ، من اعلي ومن اسفل ،إذا جززناهما ، اندلق الضوء فلا تري . الضؤ لا يري . الضؤ ينقل كتلة النقاط المكونة للمبصور ، ويدفعها الي الذاكرة المبصرة . هناك يتم حل شفرتها ، بعد عملية التحليل والتركيب والصياغة البصرية المحض ومن هناك الي ارشيف الذاكرة ، فإن كانت شجرة ، مماثلة لصورة الشجرة في الذاكرة ،قبلتها واطمأنت .وان كانت شبه شجرة ، دفعها الي حقل المجاز . وان كانت لوحة مما نرسم ، نحاها جانباً ، لضيق ، او جفاف الذاكرة البصرية ، بذريعة عدم الفهم ، او الامية البصرية . كأن الامية البصرية عصية علي المحو  .
     هل ابن العـربي علي حـق ؟ ازعم انه كذلك . مع إخضاع فهمه لتقـعيـد البصر علي مقعد التاريخانية . أو قل ، نزعه من محيطه الميتافيزيقي .
       العين لا تبصر الجلاء ، الجلاء عماء . الجلاء هو الصقل .
      عادل
      إذا نظرت في مرآة صقيلة ، هل تري الصقل ؟ قد تري انعكاسك علي الصقل ، هل المعكوس هو انت ؟ انت متحول ، والعكوس ثابت . تحولك يتمطهر في كل ثانية من وقوفك امام المرآة ، هل تري في المعكوس كل هذه التحولات ؟
      هل تري الصقل ؟ الصقل كاذب ، ورهاب ، الصقل عاجز ، إلا حين استصحاب العتمة .
      لو كشطت ما تحت الصقل ، بانت العتمة .العتمة هي العمود الفقري للصقل . إن زالت العتمة انخصف الصقل .
      في العتمة لا نري يا عادل ، وفي الصقل ايضاً ، لا نري الصقل  ، ولكننا نري ردَّ فعله .
      المرآة صقيلة ، ولكنها خائنة ،وذاكرتها مطاطية ، هي سلبية حدّ السلب ، لا تملك حقِّ الرفض ،لا تملك حقَّ العناد . لو نظر  فيها الجلاد لن تعكس إلا جغرافية بدنه . لن تقول له انت جلاد . ولو نظرت فيها حسناء ، لن تري حسنها ، فعلها هو رد فعل صقلها . هل هانك عتمة اكثر من هذا ؟
      نحن نحتاجها ، حين نشكُّ في وجودنا ، او في اناقتنا . ولكنها في الحالين ، لا تقول لنا ان كنّا حقاً انيقين او موجودين ، هذا بؤس يدعو الي رفسها حدّ التحطيم .
      المرآة بلا ذاكرة . المرآة غير قابلة للتعليم . المرآة هي الليل !
     العين وسيط ، قد نرجو نزاهته ، إذا كان مبصراً .
      هي باب بيتك .
      تري بم يُتَوَسّطُ بها ؟
      هل القلوب مرآة ؟ اتصور ان الامر يصبح اكثر عتمة هكذا !
      ما زال في القلب بقية من عين ، وبقية من مرآة .
      ALMNAMA GROUP WELCOME YOU
       هذا ما قالته لي آلة سوبر ماركت المنامة الحاسبة هذا الصباح !!!!!!
       هل نحتاج ان نكون آلات لنصبح اكثر إلفة وإنسانية ؟؟
       لك ، ولعائلتك ، أنا ، في مجازه الاكثر بلاغة من عينه
                                                                                     
                                                                                 النور احمد علي