امشي علي قدم واصدقاء
لكل الأصدقاء الذين شكلوا درعاً صاداً لليأس وداعماً لخلة العناد من أجل كرامة الحياة والحق فيها وهو حق أصيل.
وأخص أولاً ، أولئك الأصدقاء الذين كانوا قبل النازلة، سنداً حقيقياً لدعم الصداقة والعطاء غير الممتون، واتقصد الذين لم يكتبوا، ولم يهاتفوا ،وربما كان صمتهم أبلجاً وبليغاً، ذلك أنني أعرف، بعد كل هذه الليالي والنهارات التي جررتها خلفي والتي تشكل استحقاقي الوجودي، أعرف أن مثل هذه النوازل تصيب أول ما تصيب أجهزة التعبير لدى البعض، فيفزع هذا البعض بآماله إلى التكذيب. وقد يقف البعض عند حدود التكذيب، ويذهب البعض الآخر إلى الصمت المتكلم. ويذهب البعض إلى تجاهل الأمر كأن لم يحدث وهذا ما كان يأمله عسى الأيام تصدق حدسه، لهؤلاً الأصدقاء أقدم شكري ذلك لأنهم كانوا دائماً على الخاطر الذي خرج معافى ضمن معافبات أخرى خرجت بها من تلك المنازعة. وأنا أعرف أن ليس بينهم عدو للحياة. إن أعطال جهاز التعبير لدى البعض من أصدقائي يجعلني أتوجه بالشكر لهم قبل الذين كتبوا والذين هاتفوا والذين اتصلوا.
ثم الشكر موصولاً إلى الذين هاتفوا خاصة وأن بعضهم لم أره ولم أسمع صوته منذ. 1976 وإلى الذين كتبوا، أعرف أن ما لم تقله كلماتهم كان يفوق قدرة الأبجدية على التعبير. وقد شكل كل ذلك مساندة حقيقية لكتائب الدفاع الشعبي عن الحياة والتي تشكلت عفوياً منذ الساعة 3.45 صباح السبت 13 ينايرم 2013 أولى الكتائب الصادرة كانت سيدة ابراهيم الشيخ وتوالي تجمع الكتائب، كتيبة(س) سامر النور >كتيبة (أ) أحمد النور، كتيبة (ز) زاهر النور وكتيبة (س) والتي انتقلت عبر جسر جوي تشكل بين الخرطوم والشارقة كانت هذه الكتيبة هي: (س2) ساندي النور.
أسفي كان شديداً ذلك أنها(س 2) انضمت للكتائب الأخرى أثناء فترة انقطاع الحياة والذي استمر ثلاثة أيام حتى أنني عن معاودة الحياة بعد انقطاع ،لم ألحظ أنها لم تكن موجودة عند النازلة.
ثم توالت الكتائب من أصدقاء المحيط الجغرافي، حيث تشكل خميس جرار من داعمي حق الحياة لهم مني ومن عائلتي كل التقدير والامتنان على الرغم من علمي أن ما فعلوه يقطع ضمن قناعاتهم الشخصية، وضمن حقوقهم في مواجهة أي تهديد للحياة من أي من كان.
ثم إلى الذين ظلوا يهاتفون بشكل دائم على مدى تسعين شمس.... وتسعين ليل على التقويم الأبنودي.
أصدقائي جميعاً لقد كانت منازعة حقيقية بين من يظن في عرف العوام وخواص العوام أنه حق وبيني مصطفاً مع من يرون كما أرى الحياة حق، وتستحق أن نستنفد كل المساحة الوجودية المتاحة لنا وليس حقنا أن نتنازل على ذلك. وأنا أرى أيضاً أنه إذا بقيت من تلك المساحة الوجودية المتاحة لي فقط، ما يكفي لتلقى بسمة من صديق أو كلمة ولوصامتة من آخر، فإن ذلك يعني لي حياة تستحق الدفاع عنها ومعي من يدعمني، أنتم جميعاً.
وأنا أعرف أيضاً أن من ينازعني هذا الحق هو موظف العدم بامتياز وهو يؤدي وظيفته بانضباط منقطع النظير، حتى إنه يرتكب في سبيل أداء وظيفته الكثير من المكايد فقد يتخفي في حماقة طاغية أو دكتاتور أو موظف حرب« جنرال» وأحياناً يكمن في الحماقات الصغيرة، أو في سرعة فائقة عن طريق عام وهو يستغل الجهل من أجل أداء وظيفته وقد يتخفي خلف الفقر الجالب للأمراض. مكائده لا تحصى ولكن علينا التمسك بحقنا في الحياة ولقد كنتم جميعاً معي في هذه النازلة. كنت استحضركم في لحظات انقطاع الموت وأردد بيني وبين نفسي المعتلة »لست بائع أحزان.«وإن الجحيم هو المكان العاطل من الاصدقاء» إنكم أيها الأصدقاء تستحقون الفرح، فانتم جميعاً مؤهلون لمهنت الحياة.
حين دهمتني النازلةلم يكن ضمن برامجي الوجودية التعرف الي برامج السيدة «موت»بطلة رواية سراماغو «انقطاعات الموت» لقد كانت برامجي المعدة مسبقاً وجودية بامتياز، وقطعاً ليس من بينها الموت. فقد كاتبت الصديق حسن موسي اواخر العام الفائت ان العام القادم سيكون مكرس اغلبه للرسم والذي كنت اشعر انني اظلمه بعدم إيلائه ما يستحق من عناية. وعليه فعند نزول النازلة كانت ارادة الحياة اعلي، واغلي، واكبر. وكان دعمكم لي ودعم العائلة معزز لهذه الإ رادة وداعم لتقدم البرء
أنا الآن كما ذكرت للصديق حسن موسى أخاطبكم في المناطق المحررة من وطني «جسدي» والذي احتل كاملاً ولمدة ثلاثة أيام وبفضلكم استطعت ان أخرج من هذه المنازعة دائناً للموت بثلاثة أيام سأستعيدها لحظة انتصاره المؤجل، أما الآن بفضلكم أعمل جاهداً على تحرير ما تبقى من جيوب الموت الذي استعمر بدني أنني أتقدم بفضل دعمكم بصورة أذهلت كل د. رحمان البنغالي مختص الباطنية ودكتور نايك اخصائي المخ والأعصاب والذين رددوا على مسمعي أني محظوظ فأكملت العبارة في سري «أنا محظور بوجود أصدقاء دعامين لإرادة الحياة» وأذهلت أيضاً د. توماس الهندي(اختصاصي العلاج الطبيعي) الذي يواجه عبثي بضوابطه بغضب باسم ثم يقول بإنجليزية وبلكنة هندية «أنا لا أعرف كيف تفعل كل ذلك، ويقول لي ضاحكاً إن دواعم الحركة التي اقدمها لي تحتاج إلى دعمك ويقول متعجباً »إذا استمررت على هذا المنوال ستتخلص من رجلك المساعدة في ستة أشهر.
لم يتم كل ذلك إلا بفضل الدعم الوجداني غير المحدود والذي تلقيته منكم.
أنا الآن أسير على رجل واصدقاء، ولكني لم أشعر لحظة أنني انضممت إلى فئة المعاقين جسدياً.
أكرر الشكر لكم جميعاً.