الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

مخاطبة

مخاطبة

 ترى هذي المسافة ضمن روحي، أم أحاورها لكي تلد انفجاري، هذي المفازة كنت أعبرها، وحلمي طائر وجل، وأسمائي مبعثرة، وأرسم في مفكرتي تواريخ انحساري وازدهاري  .
  طير أساومه على وجعي، ويدعوني بأسماء مزيّفة إلى أفق تدثر بالغبار .   حسناً  اسمي الماء ماء والعار عار، .. متزملاً بالريح، أدخل من مرافئكم الى حلم بعرض الفاجعة .  كيما أصالح عشب أحلامي ، وارسم فوق أعلام التوافق طائراً ضخماً ، ألون كل قادمةٍ بلون البرق منفعلا، وأعطيه مفاتيح الكلام، عفواً . . مواعيد الأسى مدن وحين تهلّ أزماني أهوّم راسماً كفي، ومنتضياً جسارة أن أكف عن الكلام  .
من أول البرق   ابتدأت أو انتهيت وأعود ممتشقاً حسام جسارتي . .  مفرقاً بين الهوية والحجر  .
  ***
علمتني الخيول 
علمتني بأن الزمان النبيل  
تاه، عن خارطات الفصول
  ***
هذه إحدى علاماتي، سهل ممتلئ بالآف الحكايا، حين 
تحدقون تفاجئكم بالأسئلة ، الأسئلة المدورة حتى حدود الأفق .  والأفق يداخلكم عارياً من أسمائه وبطاقة هويته .
لقد تركتها عامداً لدى آفاق أخر 
سادتي ، مندغم فيكم ، ومارق عليكم،
 بحثاً عن بدء البدء أو نهاية النهايات  .
واقفاً خارج بوابات الرفض والقبول 
أريد أن أقول  . 
بوابة واحدة فقط أفتحها الليلة على مصراعيها ، وأغلق ما عداها 
للأسئلة العارية  وللخارجين للتو من بين أيدي القابلات 
ضد النوم ضد الغفـلة / ضد السهو بل ضد اللغو  اللغو  اللغو  .
هذه المدن المعبأة بالجاهزية والتواكل ، أعرف أنها ضد أحلامي, وضد كل الآفاق المشرعة  .
حسن ، للآخر الغائب أو المغيّب ، الآخر المشروع أو الآخر القصيدة، الآخر البرق ، أو الآخر العشب هناك مدن أخرى، « مدن بلا خرائط » .. افتحها الآن ضد كل الشروط / وبكل الشروط الفاعلة, مدن  تبدع أسئلتها وسمائها وبشرها . عبثها وجنونها، قريباً من الفعل والفاعل.. قريباً من الحياة 
هذه أولى الطيور . تعبر الآن قريباً من سماء الروح تعطي البــوح شــارته ، وتمنـحني مهابة أن أجابـهـكم / وأمتـهـن الحياة  .
  أبو ظبي 09

هنا ينتهي البحر



هنا ينتهي البحر
ومن هنا تبدأ الأرض
رجلي في السهل وصوتي مع الآخرين
والسهل أغان لشوق مقُّيم
وريح مسافر ونار من القمح والمطر
وصوتي / غابات من الأطفال /  وقبائل من العشب
والآخرون معاهدة صارمة تبدأ بالحب / وتنتهي عليه
.. والذي .. فيكم قبض الجمر
والذي حولكم نفى الإثبات على دائرة الفعل
والذي منا وعى بالفعل والحول
والدعوة ضد الشيء مهرها يبدأ بالدم /  وينتهي بالتخثر
ولكن الرياح الوعرة
تبدأ رحلتها عند كل المواسم
ولا تنتهي إلا والأعلام بين سواعد الأطفال
فلتباركي هذا الدخول يا طفلة المواسم
ولتباركوا هذا الدخول أيها المعمدون بالدم
السبابة المنتصبة دائماً أنتم
مباركون على مدار الفعل
أن تزرع الريح تجني الرياح
مهلاً أيتها النخلة الشفوقة
ها أنت تمارسين الحب مثل الموت /  واقفة
فلماذا تمارسين الاهتزاز عندما أضم حبيبي ؟
وحبيبي وسائد الأطفال وأغاني الحصاد
يتجاوز عمره كل يوم، وينمو عند فوهة المداخن وعلى مداخل البراكين ، مطهراً بالحب
ومجمراً على لظى المثابرة ، شاهقاً مثل اللذه / عنيداً  /  عنيداًمثل كل المحبين
مارس الموت مرة فقامت على  عينيه وبين الشفتين ، حقول من اللهب..
وسهوب من حروف الأبجدية
نهض فاستقامت الموارد، وتخلت عن جنسياتها الطيور
أيها الحبيب ، إن حبيبتي تقرؤك نفسها، وتسألك شيئاً من الغناء
لأن الدروب تشابكت ، وعلى الأفق احترقت كل الخرائط ، 
أيتها الحبيبة هأنذا أحرق أصابع كفي شارة لمجد الحب
ومجد الندم
فلتبارك عيناك النهوض القريب
وليبارك القعود مجد الزيف والمخاض الكاذب
« وقبض الريح »

الاثنين، 29 نوفمبر 2010

رسالة الي استاذي بولا

الصديق بولا
       كلت روحي، وانا انقر باب «الغنا اللنسدَّ» /تقرأ الكتابة . وكان انسداده نتيجة لاغبان شخصية، تراكمت عبر الزمن المهدر من حياتي، وفشلت في منع هذا التراكم او إزالته .
       من قال ان الكلام مائدة الله؟ فقد صدق .
       اكتشفت اثناء انسداد باب /الغنا / الكلام، ان الاقبال علي هذه المائدة بنصف شهية، يجعله  كالادبار. دعك ان كانت الشهية عمياء .
       ولكن لايأس مع الكتابة. وجدت باب العلامات « متاكيً » فدخلت منه. اعني علامات الترقيم، قبل انزياحاتها ومجازاتها. قلت لنفسي: هذا كم مهمل من المبصورات المرقومة، منذ ان اقعدها علماء التقعيد(اعني اقعدها)
       وعلي مدخل مأوي العلامات التقيت السيدة الفاضلة الفاصلة. قلت اسألها، لعلَّ عندها لي خبراً.
       ايتها السيدة كيفك ؟
       كما تري، لست بخير، مقعدة وشبيهة بـ«ديك البطانة»-سأحدثك لاحقاً عن سبب هذا التشبيه السوداني المحض- ولكنني مقعدة، كما تري، حتي لا اكاد الحظ، فأنت حين تناديني لا استطيع ان اجيبك.لان المهمة التي اوكلها لي علماء التقعيد هي: ان لا ابدي زينتي إلا لحظة النداء البشري، او حين تشتبك غابة الابجدية، فتوجد لحظتها مهمة جدُّ متواضعة،هي الوقف المشروط لفك اشتباك الكلام .هذا فقط حين يتعلق الامر بالرقم . اما ما عدا ذلك فانا زائدة عن الحاجة، او هكذا فعل بي علماء التقعيد، بعد ان عبثوا بتاريخ شجرة عائلتي، وتركيبتها الجينية.
       هل سمعت احداً يذكرني، او يعتبرني حين يتحدث، خاصةً بعد الانفجار الكوني الخاصة بتعدد وسائط الاتصال الكلامي. لا احد يعتبرني في التلفزيون، او في التلفون، او في الراديو، او في السينما، ابداً،
       هناك البعض من قبائل العلامات قد تلحظها من طريقة المتكلم، او من نبرة صوته، اما انا فلا احد يلحظني، او يهتم ان يلحظني.
       لقد طلبت مني التحدث عن نفسي. انا يا صديقي إشارة ضوئية جانبية في شوارع الكلام، لا استطيع ان امنعك السير داخل غابة الكلام، او حتي اسمح لك بالمرور، هكذا غاية السلب! انا فقط لحظة ان تلحظني ثم تمضي، ودون حتي ان يشكرني احدعلي هذاالدور الغامض والمبهم الذي اوكل اليَّ.
       ماذا يحدث لو لم اكن موجودة ؟ هل سيضطرب عالم اللغة ؟ او تهتز دنيا الكلام ؟ لا اظنُّ ذلك سيحدث . هناك الآلاف من الكلمنجية والكتبنجية، لا يأبهون بي، ولا يلقون عليَّ مجرد التحية، ومع ذلك يمشي كلامهم في دنيا الكلام مُسَبَّحَاً بحمده، من دون ان تنزعج قبيلة الكلام ، ولا المتعاملون معها.
       اعذرني علي التشجن، فانا مغبونة، وظللت انتظر من يسألني هذا السؤآل قروناً عدة، وكنت دائمة السؤآل عن قيمتي وجدواي. ثم نظرتني في المرآة، وتساءلت عن جذور عائلتي الجينية.
       لقد اكتشفت خرابا لحق بجينات عائلتي ادي الي مسخها الي هذا الشكل المقعد الذي تراه، والمسؤليات الضامرة التي اتولاها في دنيا الكلام.
       وهنا مناسبة للعودة لمثل «ديك البطانة» الذي ذكرته لك سابقاً. فقد اكتشفت من خلال تتبعي لجذوري التكوينية، انني كنت واواً، وحين احتاج علماء التقعيد الي التشريح الذي ارتكبوه لصالح ما يزعمون انه ذا فائدة رقمية عالية، ارتكبوا هذه الجريمة. فبدل ان يطوروني قزموني، وقلبوني كما فعل البطانيون بديكهم، وحكايته معروفة. هذا ما حصل معي . قزموني، وقلبوني، وقلصوا مهامي، حتي تتواءم مع الهيئة الجريمة التي حولوني اليها، بعد ان كانت مهامي الكتابية ،قبل الجريمة، واسعة ومتعددة، عندما كنت واواً.
       هل اقتنعت بهذه الجريمة التي ارتكبت في حقي؟
       حسنآً، كبرني قليلاً ، ثم اقلبني من الاعلي الي الاسفل ، ثم اقلبني من اليسار الي اليمين، لتتأكد ان اصلي واواً. ومهامي عديدة،       
       عندما كنت واواً، كنت عاملاً عضوياً ضمن قبيلة الكلام، كنت قادراً ان اجر الشمس والكواكب، وقبائل الله الخاملة، الي جذوة النار، ليصطلوا، او ليحترقوا. كنت قادراً علي جرِّ وادي النيل من الشمال الي الجنوب، وجرِّ الحرائق حيث تكون فاعلة في الخمول، كنت قادراً ايها الصديق، علي جرِّ الكلام من مهاد النوم الي فضاء الحركة والضجيج ، وقادر علي مسامرة الاطفال حتي لا يناموا !
       انا يا صديق، اتعلق بالزائد من الفوضي، والغامض من موائدها المشبوهة. كنت قادراً علي اصطحاب الليل في رحلاته الماكرة. وقد اصطحب الحقَّ والمستلب . وقد انصب المشانق حين استوي في حقل المجاز.
       هل تصدق انني قد اصطحب الماء، والغابة، والنهر، والاحلام الحامحة . وقبائل المارقين الي حيث يستوي الخلق علي جادة الحق؟
       كما كنت استطيع ان اعطف «يقوم» علي « الجبل » ليصبح القيام فريضة عين علي كل هرم الكائنات، بدءآً من الجماد الصلد الي الحي المتحرك.
       كنت استطيع ان اعطف كل الذي قيل علي كل الذي لم يقل كجملتين  قادرتين علي فك عقدة الكلام، وإطلاقه في دنيا الناس فاعلاً،كما فعل بي ذلك علماء التقعيد حين منحوني لقب واو فاعلة، ثم عادوا واقعدوني مَقعد مُقعدْ، علي هيئة اطلقوا عليها فاصلة، كما رأيت.
       استاذي بولا
مازال في النفس شئ من هذه العلامة،«الفاصلة  وتحولاتها» مروراً بكل العلامات، وصولاً للعلامة الفارقة في تاريخ الثقافة السودانية المعاصرة، والمرشحة لان تبقي طويلاً، وتثير جدلاً حاراً، انه انت انت ايها العزيز بولا، احدي علامات الحياة وسط موات الثقافة السودانية.
سأعود لملاحقة بقية العلامات، اتصور ان لكل منهاما تود ان تقوله.
هاانذآ انقروبقوة باب «الغنا اللنسد»
       تقبل مودتي
النور احمد علي